لتنجح.. حاول أكثر من مرة
من مستلزمات صناعة التأثير أن يسعى الإنسان لتحقق رؤيته، وأن يحاول بقوة الوصول إلى أهدافه وطموحاته مرة تلو أخرى، ولا يركن إلى الكسل أو يتراجع عند أول محاولة فاشلة، وفي هذا يقول إديسون: "ليس هناك ما يثبط همتي، فاستبعاد كل محاولة خاطئة ليس سوى خطوة إلى الأمام".
وقد مدح القرآن الكريم العاملين المثابَرين المجاهدين، فقال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69)، فهؤلاء حاولوا وبذلوا وتحملوا المشقة والعنت حتى حققوا مرادهم، إما بتمكينهم في الدنيا أو بالفوز العظيم في الآخرة.
وحينما اشتد أذى الكفار برسول الله(ص) وصحابته، وبلغ ذلك منهم مبلغاً عظيماً، وأصبحت حياة الدعوة في حرج كبير، نزل القرآن ليؤكد للنبي(ص) ضرورة الاستمرار وعم التراجع أو الانتكاس، قال تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر/ 97-99).
وصدق إبن نباتة – يرحمه الله – إذ يقول:
حاول جَسيمات الأمور ولا تقل ***** إن المحامد والعُلا أرزاقُ
وارغب بنفسك أن تكون مقصّراً ***** عن غاية فيها الطّلاب سباقُ
ويقول الأندلسي: "نقطة الماء المستمرة تحفر عمق الصخرة".
ويقول "روبرت جورفيتا" الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات العالمية: "ربما تفشل إذا خاطرت، ولكن من الأكيد أنك ستفشل إذا لم تخاطر، وأعظم مخاطرة هي ألا تفعل شيئاً".
وقال بعضهم: "الناجحون لا يقلعون عن المحاولة، والمقلعون عن المحاولة لا ينجحون".
وقد أفلس "هنري فورد" خمس مرات قبل ان ينجح، وأفلس "والت ديزني" ست مرات قبل بنائه لمدينة ديزني لاند الشهيرة.
وقد أعجبتني الترجمة الشعبية (غير الرسمية) لشركة (IBM) التي كان موظفوها يتناقلونها فيما بينهم وهي (I Will be Moving) أي: إنني سأتقدم باستمرار.
وقد سُئل "نابليون": كيف استطعت أن تمنح الثقة في أفراد جيشك؟ فقال: كنت أرد بثلاث، مَن قال: لا أقدر، قلت له: حاول، ومَن قال: لا أعرف، قلت له: تعلّم، ومَن قال: مستحيل، قلت له: جرب.
وقام "إديسون" بـ(1800) محاولة فاشلة لاختراع المصباح الكهربائي حتى نجح في نهاية المطاف، وما زال العالم منذ أكثر من قرن من الزمان وهو ينعم بهذا الإنجاز الذي لم يكن ليظهر لو لا المحاولة تلو المحاولة التجربة تلو الأخرى.
وقد خسر "بيل جيتس" رئيس شركة مايكروسوفت سبعة عشر مليارد دولار في يوم واحد، فلم ينهزم أو يستسلم وإنما استمر في محاولته حتى أعاد ما كان عليه من قوة ومكانة وثراء.
وتأمّل معي قصة "إبراهام لنكولن" أحد أشهر رؤساء الولايات المتحدة، وكيف أنه لم يستسلم للفشل، فقد:
- فشل في عمله في سنة (1832م).
- وهُزم في الانتخابات التشريعية (الانتخابات الكونجرس) في سنة (1832م).
- وفشل مرة أخرى في عمله في سنة (1834م).
- وأصابه انهيار عصبي في سنة (1836م).
- وفشل مرة أخرى في الانتخابات التشريعية في سنة (1838م).
- وفشل في انتخابات مجلس الشيوخ في سنة (1843م).
- وفشل مرة أخرى في انتخابات مجلس الشيوخ سنة (1846م).
- وفشل مرة ثالثة في انتخابات مجلس الشيوخ في سنة (1847م).
- وفشل كذلك في انتخابات النواب في سنة (1855م).
- وفشل في الفوز بمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في سنة (1856م).
- وفشل مرة أخرى في انتخابات النواب في سنة (1958م).
وبعد كل هذا العناء والجهد المتواصل والإصرار على بلوغه لهدفه؛ انتُخب "إبراهام لنكولن" رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية عندما بلغ الستين من عمره، وقال: "إنك لن تفشل إلا إذا انسحبت!".