الوحدة الوطنية.. جدارنا الآمن
مما لاشك فيه أن الوحدة الوطنية في مصر هي إحدي سمات المجتمع المصري المستقرة, إلا أنه من الخطورة البالغة التهويل في حجم الخطر الذي يتهدد هذه الوحدة, الأمر المؤكد أن ثمة رياحا تهب من حين لآخر تهدد مسيرة التناغم بين عنصري الأمة,
كما أن الرئيس حسني مبارك علي حق عندما يرفع صوته بالتحذير المتكرر في الآونة الأخيرة من مخاطر المساس بوحدة الشعب, والوقيعة بين مسلميه وأقباطه, وهدد مبارك بقوة أنه لن يتم التعاون مع من يحاول النيل من الوحدة الوطنية أو الإساءة إليها.
وكشف الرئيس مبارك بلا مواربة عن أن التصدي للإرهاب والتطرف والتحريض الطائفي يمثل تحديا رئيسيا للأمن القومي.
ووضع مبارك يده علي المسألة الحيوية في الأمر كله, وسبل التصدي لهذا الخطر, فقد دعا الرئيس إلي ضرورة توجيه خطاب ديني مستنير من رجال الأزهر والكنيسة, يدعمه نظام تعليمي, والإعلام والكتاب والمثقفون ليؤكد قيم المواطنة, وأن الدين لله والوطن للجميع.
ومن الواضح أن القضية تهدد الجميع, وأن التصدي لها يتطلب تضافر جهود جميع المؤسسات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني, والأهم والأخطر إدراك المواطن العادي أن عالمه البسيط الآمن سوف يتهددإذا ما ترك نفسه عرضة للتحريض الطائفي.
مصر لا تعيش في جزيرة منعزلة بعيدا عن عالمها, فمن المؤكد أنها تتعرض لرياح كثيرة مسمومة تأتيها من الشرق والغرب, ولذا فإنه يخطيء من يتغاضي عن تصاعد النوازع الطائفية من حولنا في المنطقة العربية, وإفريقيا, والعالم ما بين محاولات لإشعال الفتن بين أبناء الشعب الواحد, ودعوات للمحاصصة, وأحداث للعنف والاقتتال, وإراقة الدماء, وأمثلة نشهدها للاستقواء بالخارج, وأخري للتدخل الخارجي تصب الزيت علي النار, وتعمل وفق مصالحها وأجنداتها.
وليس من قبيل المبالغة التنبيه إلي خطورة الأجندات الأجنبية, ولا الرؤي التي لا تناسب مصالحنا القومية القادمة من الخارج, وهذه الأفكار الملغومة والمسمومة لا تعكس نيات طيبة تريد الخير بالمجتمع المصري, كما أن بعض هذه القوي التي تقف وراء تلك الدعوات الهدامة والتحريض غير البرئ ضد التناغم المصري لا تفعل ذلك دون حسابات دقيقة.
فأغلب الظن أن أهم عناصر القوة المصرية تكمن في هذه الوحدة الوطنية التي تصدت لاختبار الزمن ومحاولات متعددة لتخريبها في أثناء الاحتلال البريطاني وما بعده.
ويبقي أننا يتعين أن نتعامل بجدية مع أعز ما نملك, وهو وحدتنا, وأن ندرك جميعا أننا في مركب واحد, وأنه إذا ما هدد مسيرتنا شيء فإن العواقب السيئة سوف تصيب الجميع ولن تترك أحدا, والشيء المؤكد أن الشعور بالأمن الذي لا يدانيه أي شيء آخر يتعين أن نحافظ عليه, لأنه لو تسرب من بين أيدينا فإن خسارتنا فادحة, وليس هناك أجمل من مقولة البابا شنودة الخالدة: إن مصر ليست وطنا نعيش فيه, ولكنها وطن يعيش فينا, ولذا علينا جميعا أن نحافظ علي هذه الرؤية الجميلة التي أبقت الوطن آمنا مستقرا بفضل حالة الحب والتناغم بين عنصري الأمة.