وائل.. كفيف احترف برمجة الكمبيوتر.. ولم يتسول أو يقرأ القرآن علي المقابر
كتب هشام عمر عبد الحليم
وائل زكريا محمد 28 عامًا.. شاب مصري تعرض منذ الصغر لفقدان البصر، لكنه أصر علي أن يكمل تعليمه وأخذ الثانوية العامة من مدرسة النور في حمامات القبة وأراد أن يدخل قسم الإنجليزي في آداب القاهرة إلا أنه اصطدم برفض الكلية له باعتباره كفيفًا مما دفعه إلي مقابلة د. مفيد شهاب وكان وقتها رئيسًا لجامعة القاهرة،
وبعد مشاورات تم قبوله في الكلية بشرط ألا يرسب في أي امتحان، ورغم صعوبة هذا الشرط الذي يتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص إلا أنه تخطي الأربع سنوات بدون رسوب وتخرج عام 2000، التحق بدبلومة اللغويات البرمجية ويحضر الآن للماجستير.
يمتلك وائل مكتبًا للترجمة وخدمات الكمبيوتر ويقوم بنفسه بترجمة الكتب وكتابتها علي الكمبيوتر، وأخذ العديد من الكورسات في كيفية إدارة مثل هذه المشروعات، كما أنه يقوم بتدريس الكمبيوتر للمكفوفين في مركز التدريب علي تكنولوجيا المعلومات التابع للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ويعاني وائل كثيرًا من عدم وجود مدرسين في مصر متخصصين في قواعد البيانات، لذلك فإن مصدر معلوماته من الأصدقاء أو الكتب أو المحاولة والخطأ والاستكشاف.
ويقول وائل إنه بطبيعته يحب اكتشاف الأشياء التي يجهلها وقد وجد في الكمبيوتر مجالاً واسعًا ليكتشف فيه، وساعده صديقه في البداية، وكان يذهب إلي مركز تابع لكلية الحاسبات لعدم امتلاكه جهازًا خاصًا للمكفوفين آنذاك، ثم وصل إلي مرحلة الاحتراف وقام بعمل أول برنامج يقوم بتحويل اللغة العربية النصية لملفات يمكن طباعتها علي طريقة «برايل» إلا أنها تحتاج لطابعة خاصة غالية الثمن،
ويعمل وائل الآن في تصميم صفحات لمواقع علي الإنترنت، ويصمم برامج إلا أنه يشكو من ضعف مستوي المدرسين الذي لا يرقي للمستوي العالمي، وان كثيرًا من المتخصصين يعتقدون أن ما يتعلمه الكفيف يختلف عما يتعلمه المبصر وهذا خطأ فالبرامج واحدة.
ويشير وائل إلي أن إقبال المكفوفين علي تعلم الكمبيوتر في مصر مازال ضعيفًا كما أن اللغة تعد من أهم المشاكل التي تواجه المكفوفين، للأسف الأهل يؤيدون بقاء الكفيف في البيت وعدم خروجه خوفًا عليه من البهدلة كما لا يصبرون عليه في فترة التعلم التي قد تمتد من ستة أشهر لعام كامل.
ويشكو وائل أيضًا من عدم وجود ثقافة عامة في البلد تتعامل مع الكفيف بصورة صحيحة، فالعملات النقدية ليست بها أي علامات تميزها كما هو معمول به في الخارج، كما أن الإعلام مقصر في حق الكفيف، والدراما تظهر الكفيف في صورة فقي أو قارئ مقابر.