تعاطي المنشّطات أحد المشاكل التي طرأت على المجتمع الدولي حديثاً، أي خلال السنوات الأخيرة. وعلى رغم التأكد من المضار الكبيرة التي تتركها فإن استخدامها يزداد يوماً بعد يوم سواء في المجال الرياضي أو غيره امتداداً الى الشباب عموماً بغرض الحصول على تركيبة الجسم الرياضي.
ثمة تعاريف كثيرة للمنشّطات ولكن سنكتفي بتعريف الاتحاد الدولي للطب الرياضي بأنها {مختلف الوسائل الصناعية المستخدمة لرفع الكفاءة البدنية والنفسية للفرد في مجال المنافسات أو التدريب الرياضي}.
والمنشطات ليست مجموعة من العقاقير فحسب، كما هو شائع، بل ثمة وسائل أخرى محظورة مثل نقل الدم. أي أن عقاقير تعني شمولية المنشطات لطرق وأنواع وأصناف تتعدى أن تكون عقاقير فحسب.
وتدخل تحت مسمى المنشطات أيضاً العقاقير المهدئة، التي تساهم في رفع مستوى الأداء الرياضي بشكل كبير في بعض الرياضات مثل الرماية والقوس والسهم، وتُستخدم للتقليل من الشعور بالألم كما في رياضة الملاكمة والمصارعة. وتدخل هذه العقاقير ضمن المنشّطات باعتبارها وسيلة صناعية لرفع مستوى الأداء الرياضي.
ثمة أنواع كثيرة من المنشّطات يصعب حصرها في هذا المجال ولكن سنذكر أشهر أنواعها بحسب تأثيرها على أجهزة الجسم.
- مجموعة العقاقير المنبّهة للجهاز العصبي المركزي، ومنها: {الأمفيتامين, الأفيدرين, والكوكايين}. وهي أشهر أنواع المنشّطات المستخدمة عالمياً في المجال الرياضي للإنسان والحيوان (خيول السباق) وينتشر استخدامها بين بعض لاعبي السباحة والجري والدراجات وكرة القدم والسلة والتنس والمبارزة. ويتعدى الأمر المجال الرياضي لينتشر استخدام هذه المنشطات بين الجنود والطيارين والطلاب وسائقي السيارات وذلك بغرض تقليل الشعور بالإجهاد والاستمرار في العمل لمدة طويلة، علماً أن لهذه المواد أضراراً كثيرة.
- مجموعة العقاقير المهدّئة للجهاز العصبي المركزي، وأشهرها: {الباربيتورات, الفينوتيازين, الترانكلان, الكودايين, الفاليوم, الأفيون, والحشيش}. وغالباً ما تُستخدم في رياضات كالرماية بالسهم والبندقية للعمل على تهدئة الجهاز العصبي ومن ثم عدم ارتعاش يد الرامي أثناء التصويب على الهدف. كذلك يستخدمها بعض الملاكمين لتقليل الشعور بالألم الناتج من ضربات الخصم القوية.
- مجموعة العقاقير التي ترفع كفاءة الدورة الدموية الوظيفية، وأهمها: {الأنجيسيد}، {البيتابلكرز} ومشتقاته}. تزيد هذه العقاقير كفاءة الشرايين والأوعية الدموية التاجية في القلب، وبالتالي تزيد كفاءة عمل القلب، ما يعمل على رفع كفاءة اللاعب البدنية العامة، ولكنها خطيرة جداً على صحته العامة.
- مجموعة العقاقير الهرمونية البناءة، وهي أحد أكثر أنواع المنشّطات انتشاراً واستخداماً. وقد شاع استخدامها بين اللاعبين في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس عام 1984 ثم دورة سيئول عام 1988. وترجع تسميتها الى أنها تزيد نمو الأنسجة العضلية وتؤدي إلى زيادة حجم العضلات وقوتها. ويستخدمها بعض لاعبي الأثقال وكمال الأجسام والمصارعة والرمي في ألعاب القوى، وغالباً ما يستخدم الرياضيون في هذا المجال الهرمونات الذكرية البناءة التي تسمى Androgenic Steroids مثل الهرمون الذكري الجنسي الذي يسمى Testosteron أو هرمون الخصية، ومنها ما يُسمى تجارياً {بروفيرون} والذي يعمل على زيادة مستوى القوة العضلية وبالتالي زيادة مسافة الرمي ويحمل هذا العقار الرمز C-19-Steroid.
تُستخدم هذه المنشطات على شكل أقراص أو حقن عضلية وذلك لطبيعة عمل هذه الهرمونات الفيزيولوجية وزيادتها التمثيل الغذائي في العضلات وزيادة حجمها وقوتها. كذلك يُستخدم في هذا المجال هرمون الغدة النخامية أسفل المخ, وهرمون الكورتيزون والأدرنالين الذي تفرزه الغدة الكظرية.
- مجموعة العقاقير المدرة للبول: أُدرجت حديثاً العقاقير المدرّة للبول كافة ضمن قائمة المنشّطات المحظورة رياضياً. فهي تؤدي إلى إنقاص الوزن بصورة مفاجئة وتُستخدم في الرياضات التي تتطلب أوزاناً محددة مثل المصارعة والملاكمة والجودو ورفع الأثقال.
آثارها
ثبت علمياً أن لاستخدام المنشّطات بجميع أنواعها تأثيراً إيجابياً على عناصر اللياقة البدنية وبالتالي يؤدي إلى رفع مستوى أداء اللاعب البدني إذا استُخدمت إلى جانب الاستمرار بالعملية التدريبية، ولكن في الوقت نفسه لهذا الاستخدام جانبٌ سلبيّ على صحة اللاعب وقد يؤدي إلى الوفاة.
تشير التجارب إلى أن لاعبي الرمي في ألعاب القوى كدفع الجلة ورمي القرص ورمي الرمح وإطاحة المطرقة، كثيراً ما يلجأون إلى استخدام الهرمونات الذكرية البناءة بهدف رفع مستوى القوة العضلية من خلال زيادة المقطع العضلي للمجموعات العضلية العامة وبالتالي زيادة قوتها التي تعمل مباشرةً على دفع المستوى الرقمي في هذه المسابقات. والهدف هو الفوز بصرف النظر عن نزاهة هذا الفوز وشرعيته.
وقد ثبت التأثير الإيجابي لاستخدام {الأمفيتامين} ومشتقاته على الأداء الحركي في الرياضات التي تعتمد على قدر كبير من التوافق العضلي العصبي والقدرة على التركيز، لذلك يشيع استخدامه بين لاعبي العدو في مسابقات ألعاب القوى. وفي الوقت نفسه يشير بعض التجارب إلى أن استخدام كميات كبيرة من {الأمفيتامين} قد يؤدي إلى انخفاض مستوى التركيز وعدم الشعور بالهدوء، والحساسية الشديدة بالإضافة إلى انخفاض مستوى التوافق العضلي العصبي. فيما يؤدي استخدام كميات قليلة منه إلى زيادة القدرة على التركيز بالإضافة إلى تحسين مواصفات الأداء.
{الأمفيتامين} إحدى أكثر المواد الفاعلة المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي ويؤدي استخدامه غير الواعي إلى ظهور أعراض يمكن ملاحظتها على اللاعبين مثل جفاف الحلق وتغير لون الشفتين بحيث تشوبهما زرقة واضحة مع ظهور ارتعاشات عصبية في الأطراف وتغيّر واضح في لون الجلد وصعوبة في التنفّس، وتشنّجات عصبيّة أحياناً. ينبغي إسعاف اللاعب فوراً عند ظهور هذه الأعراض التي قد تؤدي إلى حدوث الوفاة في حال إهمالها.
يمكن الكشف عن تعاطي {الأمفيتامين} من خلال تحليل البول والذي تظهر فيه نسبة واضحة من هذه المادة بعد فترة قليلة جداً من التعاطي ويستمر تأثيره أياماً عدة.
القوة العضلية
يُذكر أن العدائين يلجأون أحياناً إلى تعاطي أنواع معينة من الهرمونات البناءة (التستوستيرون) بهدف زيادة القوة العضلية التي تؤثر مباشرةً على سرعة الانقباض العضلي وعلى قوة دفعهم بالقدم، ما يؤثر بصورة غير مباشرة على طول الخطوة والتي تعتبر إلى جانب سرعة التردد أحد العوامل الرئيسة المحددة لمستوى السرعة في سباق 100 متر عدو. كذلك تستخدم هذه الفئة من اللاعبين ما يسمىReactivan بهدف زيادة التنبيه والتأكيد على الشعور بالنشاط والحيوية.
أما لاعبو المسافات الطويلة فيستخدمون الـ Wecamin لما له من مواصفات متعددة منها احتواؤه على مواد تعمل على إكساب الجسم وأجهزته الحيوية والقدرة على تحمّل التعب والحمل البدني الذي يتميز بطول فترة الأداء وتأخير عملية الشعور بالتعب، ما يتناسب ومتطلبات الرياضات التي تعتمد بالدرجة الأولى على عنصر التحمّل مثل سباقات الجري والسباحة لمسافات طويلة والدراجات والتجديف والتزحلق على الجليد وكرة القدم...
لاستخدام {الويكامين} تأثير إيجابي على الأداء الرياضي الذي يستمر لفترة طويلة، ما يؤدي إلى تأخير حدوث التعب وعدم الإحساس به فيستمر اللاعب في الأداء مستخدماً الطاقة المخزّنة التي لا تُستخدم في الحالات العادية وإنما للطوارىء، فيصل اللاعب إلى درجة من الإعياء ثم يتوقف نهائياً عن العمل نتيجة وصوله الى حالة متقدّمة من التعب تكون حياته فيها مهددة بالخطر.
في الرياضات التي تحتاج إلى قوة عضلية كبيرة مثل رفع الأثقال والمصارعة والرمي والتجديف وكمال الأجسام، يشيع استخدام الـ Anabol Stroid الذي يعمل على تنشيط عمليات أيض البروتين، ما يؤدي إلى زيادة فاعلية عمليات النمو. وهذا النوع من المنشّطات لا يؤدي الهدف المطلوب إلا إذا صاحبه حمل تدريب بدني وبرنامج غذائي غني بالمواد البروتينية لتأمين بناء الأنسجة العضلية وزيادة الحجم المرتبط بزيادة القوة. وتناول كميات كبيرة منه يؤثر سلباً على النواحي الصحية.