في نفق أبو الفدا في الزمالك، تحولت المساحة الواقعة أسفل كوبري 15 مايو.. من كتلة صامتة مليئة بالمخلفات، ومحاطة بسياج حديد، تفوح منها رائحة المدمنين، إلي ملتقي ثقافي ضخم، يضم بين جدرانه كل ألوان الفنون سواء عروض مسرحية وسينمائية وموسيقية،
أو معارض تشكيلية لكبار الفنانين والشباب، أو الندوات الأدبية والعلمية والأمسيات الثقافية وورش العمل وغيرها، لتصبح «ساقية الصاوي» مركزاً ثقافياً يضم كل أطياف الفنون والآداب ويسعي لتقريب مفهوم الثقافة من أذهان عامة الناس، بل استطاع في بضعة أعوام أن يفسح مكاناً متميزاً يتفوق به علي المؤسسات الثقافية الحكومية.
فكرة «ساقية الصاوي» بدأت مصادفة من ذهن رئيسها محمد الصاوي، والذي اقتبس اسمها من العمل الروائي الضخم «الساقية» في إنشاء مشروع ثقافي هادف، يخدم به المجتمع، وفي الوقت نفسه تتوفر تلك المساحة التي تتسع لإقامة مشروع يضم كل الفنون،
وأثناء عمل «الصاوي» فوجئ بوجود مساحة واسعة أسفل كوبري 15 مايو غير مستغلة إطلاقاً، فبدأ يفكر في مدي مناسبتها لإقامة مشروعه عليها، وبالفعل شرع في تنفيذ الفكرة، وتقدم بطلب إلي د. عبدالرحيم شحاته. محافظ القاهرة وقتها، وعرض عليه رغبتة في تأجير الأرض وتحويلها إلي مركز ثقافي، يسهم في تنمية المجتمع ورحب «شحاته» علي الفور، وبدأت أعمال التأسيس في أواخر عام 2001، وافتتحت الساقية بالفعل في فبراير عام 2003، وبالتوسع في المشروع، تم ضم قطعة أرض صغيرة إلي جوار المركز،
تطل علي النيل، وذلك لزيادة مساحة المكان لاستيعاب طاقات الشباب ومحاولة توظيفها فيما يفيد المجتمع، وأكد «الصاوي» أنه حرص علي بدء أنشطة المركز بالموسيقي فهي أقرب الطرق للتأثير علي الجمهور، ولذلك كثف جرعة الحفلات الموسيقية والغنائية، ووجه الدعوة إلي فرق موسيقي الجاز والراب والفولك والموسيقي الغجرية للانفتاح علي ثقافات العالم، ومنه انتقل إلي الفنون الأخري، حتي اصبحت الساقية ذات تأثير قوي في المجتمع.
وتوجه الساقية دعوتها للسفارات العربية والأجنبية، وتدعو كبار الكتاب العالميين، منهم «باولو كويلو»، وذلك في
محاولة لمزج الثقافة المصرية مع الثقافات الأخري، وتسعي أيضاً لتقديم حفلات موسيقية ومعارض تشكيلية وأمسيات شعرية وندوات.
وأشار الصاوي إلي أن الساقية اكتشفت عدداً من المواهب التي ظهرت علي الساحة الفنية منها فرقتا «وسط البلد» و«رسايل»، ومن أنشطة الساقية، كما تقول هناء قورة المدير العام «سوق الساقية» الذي يقام في الجمعة الأولي من كل شهر بعد صلاة الجمعة، ويمتد حتي التاسعة مساء.
وفي الساقية تقام عدة مهرجانات ومسابقات منها مهرجان «الأفلام الروائية القصيرة»، ويقام في فبراير من كل عام، و«المونودراما» في مارس، و«المسرح» في اغسطس و«الشيكولاتة» في ديسمبر، ومسابقة «التصوير الفوتوغرافي» في يناير، و«القصة القصيرة» في فبراير.
وشهد عام 2006 بداية مسرح عرائس الساقية بافتتاح مسرحية «الماسورة الكبيرة»، تأليف وإخراج محمد الصاوي، والتي تتناول قضية أطفال الشوارع.
وخلال الأيام القليلة المقبلة تحتفل الساقية بعيد ميلادها الرابع وهو احتفال خاص، تقيمه الساقية هذا العام، في صورة معرض للخدمات الثقافية، يستقبل أعمال المراكز الثقافية والسفارات الأجنبية في مصر، وكل الجهات المعنية بالثقافة، ويقدم تحت عنوان «ماذا قدمتم لمصر» وسيتاح لكل جهة جناح لعرض أعمالها للجمهور.