أطفال ربانيين &&& نماذج براقة
--------------------------------------------------------------------------------
لعل العنوان أذهلكم وشد فكركم وبصركم وأوقد انتباهكم،
ولعل فكركم الآن يسبح حول هذا الطفل المجهول!!
أو على الأقل هو مجهول عندكم وعند كثير من الآباء!! ..
طفل رباني!! هل يعقل أن يكون هناك طفل رباني؟
أظنكم الآن إخواني وأخواتي المربين بحاجة إلى كتاب تفسير يوضح لكم معنى كلمة 'رباني', وها أنا قد وفرتُ عليكم هذا البحث.
ربانيون: أي علماء وفقهاء.
جاءت في سورة آل عمران في قوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}
[آل عمران:79].
والربانيون: هم العباد والعلماء, وجاءت في سورة المائدة هذه الكلمة: {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ} [المائدة:63].
إذًا فالربانية هي اختصار لثلاث كلمات: فقه وعلم وعبادة،
أو كلمتين: علم وعمل, فالرباني إذًا هو العالم بالله العامل
بهذا العلم؛ لأن العلم يهتف بالعمل, فإن أجابه وإلا ارتحل.
والسؤال الآن هل هناك طفل يحمل هذه المواصفات؟
رباني الطبع.
خائف من عذاب الله.
مشتاق إلى رضاه.
متعلق بالدار الآخرة.
حريص على تعلم علوم الدين.
حريص على الصلاة في المسجد.
حريص على حفظ القرآن وتعلمه.
يبكي من خشية الله .. يشارك الكبار في الاعتكافات الرمضانية.
يراقب الله في السر والعلن .. يسمو عن الرذائل والقبائح.
يكف عن المكروهات ويحرص على المستحبات.
يبر والديه ويصل رحمه.
جُمعت كل هذه المواصفات الإيمانية في كلمة واحدة وهي 'الربانية'.
أخي المربي... أختي المربية ::::
لعله قد جال فكركم وسرح خاطركم في أطفال اليوم، أطفال الإنترنت والفيديو جيم ، أطفال ترك الصلاة، وأطفال رفع الصوت على الآباء, بل قد يصل الأمر إلى ضرب الآباء والعياذ بالله.
كلا يا أعزائي المربين، لست أحدثكم عن هؤلاء, وإن كان الهدف من حديثي إصلاح حالهم ومنحهم هذه الصفة الراقية السامية 'الربانية'.
ولكني في هذا اللقاء أسبح معكم في سماء الربانية, نغرف من نبعها الصافي العذب, نجول معًا مع نماذج براقة من طفولة الربانيين, لعلنا نصل إلى الهدف من هذه الصفحة وهو:
'إن الطفل الرباني واقع لا خيال وممكن لا محال'.
إليك أخي المربي<<<<<<< أختي المربية
النموذج الأول:
الطفل الرباني .. الطفل المتوكل:
دخل أحد الصحابة مسجدًا، فاستوقف نظره طفل لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره قائمًا يصلي بخشوع, فلما فرغ من صلاته سأله الصحابي: ابن من أنت يا هذا؟
فقال الصبي: إني يتيم. فقال الصحابي: أترضى أن تكون لي ولدًا؟
فقال الصبي: هل تطعمني إذا جعتُ؟ قال الصحابي: نعم، قال: هل تسقيني إذا عطشتُ؟ قال الصحابي: نعم، قال: وهل تكسوني إذا عريت؟ قال الصحابي: نعم، قال: وهل تحييني إذا متُ؟ فدهش الصحابي وقال: هذا ما ليس إليه سبيل.
فقال الصبي: فاتركني إذًا للذي خلقني ثم يرزقني ثم يميتني ثم يحييني.
فانصرف الصحابي وهو يقول: لعمري من توكل على الله كفاه.
ولئن كان في الأطفال الربانيين من يتوكل على الله حق توكله؛ فهناك أيضًا من يحرص على قيام الليل ويعلم أباه الحرص عليه.
النموذج الثاني:
الطفل الرباني .. القائم ليلاً:
روي أن أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي لما تعلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} [المزمل:1ـ2] قال لأبيه: يا أبتِ, من الذي يقول الله تعالى هذا له؟
قال: يا بني, ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: يا أبتِ, ما لك لا تصنع أنت كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: يا بني، إن الله تعالى خصَّ نبيه صلى الله عليه وسلم بافتراض قيام الليل دون أمته, فسكت عنه.
فلما حفظ قول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ}
[المزمل]
قال: يا أبتِ إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون من الليل، فمن هذه الطائفة؟
قال له أبوه: أولئك هم الصحابة رضي الله عنهم.
قال: فلم تترك ما فعله الصحابة؟
قال: صدقت يا بني, لا أتركه إن شاء الله تعالى, فكان يقوم من الليل ويصلي، واستيقظ أبو يزيد ليلة فإذا أبوه يصلي.
فقال: علِّمني كيف أتطهر وأفعل مثل فعلك وأصلي معك.
فقال له أبوه: يا بني أرقد فإنك صغير بعدُ.
قال: يا أبتِ, إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم أقول لربي: إني قلتُ لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى وقال لي: ارقد فإنك صغير بعدُ؟
قال أبوه: لا والله يا بني، وعلمه فكان يصلي معه.
ومنهم أيضًا من يفكر في الله وفي ملكوت الله.
النموذج الأخير:
الطفلة الربانية:
كان لحاتم الأصم أولاد, فقال لهم: إني أريد الحج هذا العام, فبكوا وقالوا: إلى من تكلنا يا أبانا؟
فقالت إحدى بناته: كفوا عن البكاء, ودعوا أبانا يحج, فليس هو برازق {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:58].
نام الأولاد جياعًا، وجعلوا يلومون أختهم؛ فقالت: اللهم لا تخذلني بينهم.
فمر أمير البلد بهذا المكان وطلب الماء، فناوله أحدهم كوزًا جديدًا وفيه ماء بارد، فشرب الأمير، فسأله الأمير: دار من هذه؟
قال: دار حاتم الأصم، فرمى قطعة من ذهب وقال لأصحابه: من أحبني فعل مثلي؛ فرموا كلهم مثله.
بكت بنت حاتم الأصم، فقالت لها أمها: ما يبكيك وقد وسع الله علينا؟ فقال: يا أماه، مخلوق نظر إلينا فاستغنينا وشكرنا، فما ظنك بالله جل وعلا لو نظر إلينا؟
أخي المربي هذه نماذج براقة.. ليس بعيدًا أن نرتقي بأبنائنا إلى هذا المستوى<<<<
منقول بتصرف