--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
شياء عن .. حتى !
العديد منا سمع بالمقولة الشهيرة: أموت وفي نفسي شيء من حتّى ! والقليل من هذا العديد يعلم أن صاحبها هو سيبويه !
ثم البضع من هذا القليل يعرف أن سيبويه تعني: رائحة التفاح! وهو اللقب الذي أطلقته أم سيبويه على سيبويه لأن رائحته كانت دائما طيبة, وكان هو حسن المظهر جميل الطلعة.
سيبويه يا أصدقائي ليس عربيا, اسمه: أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري وقد ولد في شيراز "قرية البيضاء" عام 148 هجرية, وهز مؤلف "الكتاب" الذي فعليا اسمه "الكتاب" لأن سيبويه لم يسمه فآثر النُحاة أن يسمونه الكتاب لأنه المرجع الأعظم في علم النحو !
وكانت "حتّى" عقدة سيبويه, إذ حيره هذا الحرف وأقض مضجعه ..
فـ حتى ... تعمل كأداة نصب أحيانا, وأحيانا أخرى تعمل كأداة رفع ! بل والمصيبة أنها تعمل كأداة جر ! لا يوجد حرف في اللغة العربية "وصححوني إن كنت مخطئأ" يعمل بهذه الامكانيات العظيمة!
لاريب أن الأمر مرعب بمافيه الكفاية لمن يكره النحو والقواعد! يقول تعالى: سلامٌ هي حتى مطلع ِ الفجر ِ .. "مطلع ِ مكسورة الآخر وكذلك الفجر ِ , فحرف "حتى" في تلك الجملة كان بمعنى" إلى" بل وعمل عمل "إلى" فتصرفت كحرف جر ..
وآه منك يا .. حتى !
ليس هذا فقط .. بل "حتى" هذه هي حرباء تعرف عملها جيدا ... فأحيانا تلعب دور حرف العطف .. كقول الشاعر: قهرناكم حتى الكماة ! فهذه تشبه قولنا: قهرناكم والكماة!
وفي نفسي شيء من حتى!
حتى أن حتى أحيانا تتعب من اللعب فتقرر أن تكون ابتدائية لا محل لها من الإعراب كقولي: حتى أن حتى ! وكقولنا: حتى أنتَ يا بروتس !
يا عيني على حتى!
هل ذكرت لكم أنها تنصب الفعل المضارع مثلا؟ كقولنا: سأعمل حتى أكسب َ المال , فهي تتخذ شكل أحرف نصب الفعل المضارع (أن, لن, كي) .. فنستطيع أن نقول: سأعمل كي أكسب َ المال .. أو سأعمل حتى أكسب َ المال . ولربما نقول: سرت ُ حتى أدخل َ البلد ..
ببساطة ولألخص لكم الموضوع .. حتى تعمل عمل أحرف نصب المضارع, وأحرف الجر, وأحرف العطف .. وأحينا يحلو لها أن تكون ابتدائية لا محل لها من الإعراب! وحتى لو كانت ابتدائية فهي بطريقة أو أخرى ترفع شيئا ما كقولنا: حتى رأس السمكة أكلته!
ولمحبي السمك .. هذه ثلاثة أمثلة بسيطة على ما سبق .. فصفصوها على مهلكم:
أكلت ُ السمكة َ حتى رأسَـها (حرف عطف)
و
أكلت ُ السمكة َ حتى رأسِـها (حرف جر)
و
حتى رأس ُ السمكة ِ أكلته (ابتدائية لا محل لها من الإعراب)
و
سآكل السمكة حتى أصل َ إلى رأسها
(بمعنى أداة نصب الفعل المضارع – أصل- وللدقة نسميها: حرف غاية)