جمع هذا الوزير بين الدين والدنيا
قال الحافظ الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء 20\426
ابن هبيرة الوزير الكامل الإمام العالم العادل عون الدين يمين الخلافة أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم الشيباني الدوري العراقي الحنبلي صاحب التصانيف ............
قال ابن الجوزي وكان مبالغا في تحصيل التعظيم للدولة قامعا للمخالفين بأنواع الحيل حسم أمور السلاطين السلجوقية ... وقد كان آذاه شحنة في صباه فلما وزر استحضره وأكرمه وكان يتحدث بنعم الله ويذكر في منصبه شدة فقره القديم وقال :
نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء ويبذل لهم الأموال فكانت السنة تدور وعليه ديون وقال ما وجبت علي زكاة قط وكان إذا استفاد شيئا من العلم قال أفادنيه فلان ، وقد أفدته معنى حديث فكان يقول أفادنيه ابن الجوزي فكنت أستحيي وجعل لي مجلسا في داره كل جمعة ويأذن للعامة في الحضور ..
وكان بعض الفقراء يقرأ عنده كثيرا فأعجبه وقال لزوجته أريد أن أزوجه بابنتي فغضبت الأم !!
وكان يقرأ عنده الحديث كل يوم بعد العصر فحضر فقيه مالكي فذكرت مسألة فخالف فيها الجمع وأصر فقال الوزير أحمار أنت أما ترى الكل يخالفونك فلما كان من الغد قال للجماعة إنه جرى مني بالأمس في حق هذا الرجل ما لا يليق فليقل لي كما قلت له فما أنا إلا كأحدكم فضج المجلس بالبكاء واعتذر الفقيه قال أنا أولى بالاعتذار وجعل يقول القصاص القصاص فلم يزل حتى قال يوسف الدمشقي إذ أبى القصاص فالفداء !!
فقال الوزير : له حكمه ، فقال الفقيه : نعمك علي كثيرة فأي حكم بقي لي ؟!؟
قال : لا بد ..
قال : علي دين مئة دينار ..
فأعطاه مئتي دينار ووقال : مئة لإبراء ذمته ، ومئة لإبراء ذمتي !!
فقد جمع هذا الوزير بين الدنيا والدين والعلم والعمل فرحمه الله رحمة واسعة ..