«الخريطة الذهنية»هي طريقة ابتكرها خبير العقل وأستاذ الذاكرة توني بوزان في الستينيات الميلادية، عندما كان يدرس في المرحلة الثانوية، وكان معلموه يستغربون من مطابقة إجاباته مع ما جاء في الكتاب تمامًا حتى التفصيلات الدقيقة، وعندما سألوه بين لهم الطريقة التي ذاكر بها دروسه، وسماها فيما بعد الخريطة الذهنية أو (خريطة العقل) حيث حصل على أفضل ذكاء إبداعي في العالم، وهو مؤسس بطولة العالم للذاكرة، وهو محاضر في جميع أنحاء العالم، وتنتشر مؤلفاته بثلاثين لغة في مئات الدول.
وتعد الخريطة الذهنية (أداة رائعة في تنظيم التفكير، وهي غاية في البساطة)، كما وصفها بوزان في كتابه «كيف ترسم خارطة العقل» فهي طريقة متميزة تعتمد على أن يقوم الطالب أو المتعلم برسم كل ما يريده في ورقة واحدة بشكل منظم، يحاول فيها قدر الاستطاعة استبدال الكلمات والجمل بخطوط مختلفة أو رسومات معبرة تختصر الموضوع وتسهل التذكر.
وتتميز الخارطة الذهنية بقدرتها السريعة في:
- ترتيب الأفكار.
- سرعة التعلم.
- استرجاع المعلومات.
ولا يقتصر استخدام الخريطة الذهنية على الطلاب في المدارس أو العملية التعليمية فقط، ولكنه يشمل شؤون الحياة المختلفة فهي ممكن أن تستخدم في:
- الدراسة والعمليات التعليمية.
- المحادثات بين الأفراد.
- التخطيط في مجالات مختلفة.
- إعداد وكتابة المقالات.
- الاجتماعات.
- الترتيب للرحلات وغيرها.
وهي تعمل بصفة رئيسة على توضيح الارتباطات المتشابكة والعلاقات المتداخلة بين الموضوعات، وحتى داخل الموضوع نفسه، وتعمد على التفسير والتحليل للجزيئات المكونة للموضوع المراد عرضه أمام الطلاب والمتعلمين.
ولمزيد من الإيضاح تخيل أن ذهنك عبارة عن مكتبة حديثة الإنشاء ملئت بالمعارف المختلفة في شكل كتب وأقراص، وأشرطة.. وتخيل أن هذه المصادر وضعت بإحدى طريقتين: الطريقة الأولى متراكمة بعضها فوق بعض، ومبعثرة، دون تنسيق أو تنظيم، والطريقة الثانية تم فيها تصنيف هذه المصادر بحسب الموضوع، ووضع كل كتاب في مكانه حسب تسلسل منطقي معروف.
وتخيل أن أحدًا دخل عليك هذه المكتبة وطلب منك كتابًا محددًا، في الحالة الأولى سوف تهز كتفيك بغير مبالاة وتقول: إنه في مكان ما هناك في تلك الكومة، أما في الحالة الثانية فإنك سوف تنطلق عامدًا إلى مكانه وتحضره.هذا هو بالضبط ما تفعله الخريطة الذهنية، إنها تنظم المعلومات في الدماغ بطريقة سهلة ومريحة للدماغ، تسهل على الشخص حفظ هذه المعلومة واسترجاعها متى شاء. إنها تساعد على الوصول إلى المعلومة كما تساعد خرائط المدن الزائر في الوصول إلى المكان الذي يريد عبر الطريق الصحيح.
وفي قواعد اللغة العربية نحشو أدمغة الطلاب بمعلومات (فاعل، مفعول، مبني، مرفوع، مجزوم...) دون ربطها في ذهن الطالب بنسق معين، أو قد نظن أنها واضحة لديه، ثم نفاجأ به يعرف إعرابًا متناقضًا عجيبًا، مثل: فاعل مرفوع بالفتحة، أو فعل ماض مرفوع بالكسرة.. وقد تتكرر مثل هذه الإعرابات التي تدل على أن الطالب لم يفرق بين الرفع والنصب، ولا بين البناء والإعراب، ولا بين العلامات الفرعية والعلامات الأصلية.ومع تكرر دراسته لهذه الدروس في سنوات دراسية مختلفة إلا أن الحصيلة في الآخر، أن الغالبية العظمى من الطلاب يستصعب الإعراب، ويرى مادة النحو من المواد الجامدة المعقدة، وهذا يرجع في نظري إلى أسباب منها:
- عرض الدروس بشكل جامد في المنهج وافتقارها إلى التشويق عن طريق الألوان والرسومات التوضيحية.
- تفكك الدروس بسبب عدم وجود رابط واضح، يسير وفق نسق معين.
- الطريقة الروتينية الرتيبة التي ينهجها المعلم في عرض الدرس.
- افتقار مناهج القواعد والنحو إلى التسلسل المنطقي المتوافق مع نمو عقل الطالب.
وفي الخريطة الذهنية قد نجد بعض الحل لهذه المشكلة التي تواجه الطلاب والمعلمين في تدريس قواعد اللغة العربية، لأن الخريطة الذهنية تجمع الموضوعات المتفرقة في ورقة واحدة مرتبطة بروابط واضحة، ومتسلسلة. وتختصر على الطالب الوقت في تقليب صفحات الكتاب، أو التخبط في التفكير وتضمن للمعلم سلامة تفكير الطالب ودرجة إلمامه بالموضوع، كما أنها تكشف للمتعلم الخطأ الذي وقع فيه، ومن أين يبدأ تداركه، وفيها تشويق للمتعلم كونها طريقة جديدة ومختصرة، تزخر بالألوان والرسومات ما أمكن، وتسهل عليه استرجاع المعلومة. وهي - بالنسبة للمعلم- توفر الكثير من الوقت والجهد.
وتتلخص فوائد الخريطة الذهنية في تدريس قواعد اللغة العربية في التالي:
- تنظم البناء المعرفي والمهاري لقواعد اللغة العربية لدى الطالب وتنسق بينها أثناء المراحل التدريسية المختلفة.
- سهولة الوصول إلى المعلومة من الخريطة الذهنية أثناء الدراسة أو أثناء حل التدريبات أو الامتحانات.
- فرصة مراجعة المعلومات السابقة عن الموضوع بسرعة والربط بينها وبين المعلومة الجديدة.
- المرونة في إضافة بيانات ومعلومات جديدة مما يوسع عملية الفهم ليس أثناء عرض الدرس فقط، ولكن عند المراجعة المتكررة أيضاً.
- تساهم بفاعلية في مراعات الفروق الفردية بين الطلاب خاصة عند الإعراب فتمكن كل طالب من الإعراب بالحد الذي يعرفه، وتخلصهم من الإحجام الكامل عن الإعراب.
- تطور العمق المعرفي والمهاري عند الطالب في الموضوع.
- تعطي الطالب صورة شاملة مترابطة عن مواضيع النحو تمكنه من الحكم الصحيح على الكلمة المراد إعرابها.
- تختصر الجزء النظري من الحصة إلى أقصى حد ممكن فيتوفر جزء كبير من الحصة في التدريبات العملية.
خطوات بناء الخريطة الذهنية:
- اقرأ الموضوع الذي تريد أن ترسم له خريطة ذهنية، وحدد عناصره الرئيسة، والفرعية والمعلومات المتعلقة به. ولنأخذ مثالاً على ذلك (المعارف) في مادة النحو.
- أحضر ورقة كبيرة ولتكن مثلاً 3 حتى ترسم بحرية أكبر، وأحضر أقلاماً ملونة.
- ابدأ من منتصف الورقة، وارسم شكلاً ما تختاره واكتب بداخله العنوان الرئيس (المعارف).
- ارسم خطوطًا خارجة من هذا الشكل بعدد الأجزاء الفرعية، ومن المستحسن أن تكون بلون مختلف، وعريضة عند البداية ثم تبدأ في النحف حتى تصبح مدببة عند النهاية.
- اكتب عند رأس كل خط العنوان الفرعي باختصار قدر الإمكان، ما يذكر بالمعلومة فقط مثال (الضمير، العلم، الإشارة، الاسم الموصول، المعرف بأل، المضاف إلى معرفة).
- عند فرع الضمائر، تضعه في شكل تختاره ثم تخرج منه خطوطًا أخرى شبيهة بالسابقة إلا أنها أصغر منها، ولونها يختلف عنها. وعدد هذه الخطوط ثلاثة، تكتب عند نهاية كل خط العنوان الفرعي للضمير (منفصل، متصل، مستتر)، ومن هذه العناوين تضع تفريعات أخرى بحسب ما يحتاج الموضوع، مثلاً عند العنوان (منفصل) ترسم خطوطًا أخرى أصغر، وتكتب عند نهايتها (رفع، نصب) وهكذا عند المتصل: (رفع، نصب وجر، رفع ونصب وجر)، وعند المستتر: (جوازًا، وجوباً)، وبحسب رغبتك في التوسع بإمكانك أن تضيف.
- وبنفس الطريقة تنتقل إلى العنوان الفرعي الثاني من المعارف (العلم)، وتطلق منه خطوطًا بألوان أخرى تكتب عند نهايتها المعلومات التي تحتاجها وهلم جرًا، مع أسماء الإشارة، والأسماء الموصولة.
- من المستحسن عند رسم الخريطة الذهنية أن تعطي لنفسك مساحة كافية للعمل، وأن تستخدم الألوان والخطوط المتعرجة حتى تخرج لوحة جذابة وجميلة، وكلما استطعت أن تستبدل بالكلمات صورًا كان أفضل لأن الصورة أكثر ثباتًا في الدماغ وأسهل للتذكر.
- الخريطة الذهنية في تدريس اللغة العربية تنقسم إلى قسمين: خريطة شاملة (أم)، تشمل عددًا من الدروس كما في المثال الذي أوردناه (المعارف) وهذه تبنى بشكل تدريجي على مدى الحصص المقررة لدروس المعارف حتى تستكمل مع نهاية آخر درس من المعارف، وعن طريقها تتم مراجعة الدروس السابقة في بداية الحصة. وخريطة خاصة بالدرس الجديد مثل درس (الضمائر المنفصلة) تبنى عند الانتهاء من الدرس لتلم المعلومات التي ذكرت في الدرس ثم تضاف إلى الخريطة الأم