الجزية في عهد الرسول(صلى الله عليه وسلم) دراسة تاريخية
تناول هذا البحث موضوع الجزية في عهد الرسولr دراسة تاريخية تحليلية، والوقوف على دراسة عهود الصلح والاختلافات بين المؤرخين والفقهاء من الجزية. تطرق البحث أولاً إلى الضرائب لدى دول المنطقة المجاورة للجزيرة العربية، منها الضرائب عند الساسانيين، حيث وجدت في الدولة الساسانية ضريبتان أساسيتان، هما: ضريبة الأرض "العقارية" وضريبة الرأس الشخصية، إضافة إلى العديد من الضرائب الثانوية، التي كانت تفرضها الدولة الساسانية، ومنها الضرائب الاستثنائية، عندما كانت تفاجأ الدولة بحالة الحرب، والهدايا والهبات التي كانت تقدم للملك في عيدي النيروز والمهرجان، وكذلك الضرائب التي فرضت على مربي الحيوانات، وضريبة العشور التي فرضتها الدولة الساسانية على التجارة المحلية والخارجية، وكذلك ضرائب الأسواق التابعة للدولة الساسانية. أما الضرائب عند البيزنطيين فكانت متنوعة، وكانت ضريبة الأرض تمثل النظام المالي البيزنطي بشكل رئيس، فجبيت الضرائب في بداية عهد الدولة نقداً، ثم أخذت من بعض الولايات الأخرى عيناً لكثرة غلاتها، ثم عادت جبايتها نقداً مرة أخرى في نهاية القرن الخامس الميلادي، وجعلت الدولة ذلك إجبارياً وعاماً، ولم تكن هذه الضريبة محددة وثابتة في كل عام. وهناك أيضاً ضريبة الرأس، حيث اعتمدت الدولة البيزنطية عليها بشكل رسمي لتغطية نفقاتها، وسد احتياجاتها، وكان معظم سكان الدولة يدفعونها من سن الرابعة عشرة، وحتى سن الستين باستثناء حالات خاصة من المرضى والأطفال والشيوخ. وكذلك ضريبة العشور التي فرضها ملوك بيزنطة على التجارة الداخلية والخارجية، وضريبة الأنونا، التي تجمع من الغلات من ولايات بيزنطة لتموين مدينة الاسكندرية، وضريبة الإمبول، وهي ضريبة عينية ونقدية ترسل إلى روما والقسطنطينية، كما تناول البحث ضريبة تنظيف وتصليح القنوات، وضريبة المساحة التي فرضت على المزارعين، لدفع أجور المساحين. وتطرقت الدراسة للضرائب لدى مملكتي الغساسنة والمناذرة، حيث كانت الضرائب مباشرة وغير مباشرة في كلتا المملكتين، منها إتاوة الرأس التي فرضت على القبائل العربية المجاورة التابعة لهما، وضريبة العشور وقد أُخذت من التجار المارين من أراضي المملكتين والأسواق التابعة لهما. وتم التطرق إلى الضرائب داخل الجزيرة العربية قبيل ظهور الإسلام، لدى عرب الشمال وعرب الجنوب. أما عرب الشمال، فقد أثبتت المصادر وجود ضرائب متنوعة مثل: "العشور" والتي كانت تؤخذ من أموال الناس، سواء من التجارة الداخلية او الخارجية أو حين ارتيادهم ببضائعهم الأسواق للبيع والشراء، إضافة إلى ضريبة الرأس (أتاوة الأعناق) التي فرضتها القبائل القوية على القبائل الضعيفة، وكان لا يسمح عادة بتأخيرها عن موعدها مهما ساءت حالة دافعيها، وكان دفعها يشكل اتفاقاً (ذمة أو عهداً) يقدم فيه دافع الإتاوة السمع والطاعة والانقياد التام للطرف القوي مقابل تعهده بحمايته وعدم الاعتداء عليه. أما الضرائب لدى عرب الجنوب، فيشير تراث الفترة الجاهلية إلى أن ملوك العرب في اليمن وكندة وحضرموت، فرضوا "الضرائب" في القرن السادس الميلادي على القبائل العربية الخاضعة لهم، والتي كانت تشمل ضرائب الأرض "الخراج" والجزية "إتاوة الأعناق" وضرائب العشور "المكوس"،التي فرضت على التجارة والأرباح، وعلى المارة ضمن مناطق نفوذهم، وفي الأسواق التابعة لهم. أما في الفترة الإسلامية في عهد الرسول r فقد تناول البحث عهود الصلح التي عقدها الرسول rمع النصارى واليهود في المناطق الشمالية من شبه الجزيرة العربية، في مدن أيلة وتيماء ودومة الجندل ومقنا وأذرح والجرباء، من خلال دراسة روايات المؤرخين وتحليلها، وبيان واقع وظروف فرض الجزية. وكذلك تناول البحث عهود الصلح التي عقدها الرسول r في المناطق الجنوبية من شبه الجزيرة العربية، والتي شملت نجران ويهود اليمن ويهود ومجوس عمان والبحرين، من خلال دراسة روايات المؤرخين وتحليلها، وبيان واقع وظروف فرض الجزية على تلك المناطق